
الصدى- القاهرة- هدى حجاجي أحمد
كلُّ الحقائق تمشي حافية، ولهذا لا يسمع أحدٌ وقعَ خُطاها.
إنها تصل بصمتٍ، بلا أضواءٍ أو صخب، لكنها تُغيّر كلَّ شيءٍ حين تأتي.
نعيش زمناً مهووساً بالمظاهر، حيث تغلب الأصوات العالية على الأصيلة منها. غير أن الحقيقة لا تحتاج إلى زينةٍ أو تصفيق. فهي لا تسعى إلى أن تُتَّبَع أو تُعبَد، بل تأتي عاريةً من الوهم، صافيةً، وجارحةً أحياناً.
حين تدخل الحقيقة إلى الغرفة، لا تُعلِن حضورها، لكنها تُوجِدُه.
يشعر بها اليقِظون في الهواء، في ارتعاشةٍ خفيةٍ، في ثِقلٍ صامتٍ لما لا يُقال ولكنه حاضر.
يتجنّبها الناس لأنها بلا حذاء، فهي تمشي فوق غرورهم وراحتهم وأكاذيبهم المتقنة.
تترك أثرها على القلوب، ناعماً لكن لا يُمحى، مثل آثار الأقدام العارية على رملٍ مبتلّ.
أن تسير مع الحقيقة، هو أن تسير برِقّةٍ وشجاعة.
أن تُصغي لخطواتها الهامسة التي لا يسمعها الآخرون.
أن تعانق ما هو حقيقي، حتى وإن آلمك.
فلنخشَ هذه العابرة الحافية، بل لنفتح لها الطريق، فحيث تمشي الحقيقة.. تصبح الأرض مقدَّسة.
