الصدى.. نافذة سورية إلى العالم

العزلة في زمن الشبكات الاجتماعية

في عصرنا الرقمي، أصبح التواصل أسهل من أي وقت مضى، الهواتف الذكية تمنحنا القدرة على التحدث مع المئات يومياً، ومتابعة أخبار العالم لحظة بلحظة، ومشاركة صور ومواقف حياتنا مع الآخرين. ومع ذلك، يبدو أن هذا التواصل الرقمي لم يُلْبِ الاحتياجات الأساسية للإنسان: الحاجة للدفء الإنساني، للحضور المباشر، للمحادثات الصادقة التي لا يمكن لشاشة أن تنقلها.

اليوم، نعيش حالة متناقضة: أكثر اتصالاً من أي وقت مضى، وأكثر شعوراً بالوحدة أيضاً. كثيرون منا يفتحون الهاتف صباحاً ويجدون عشرات الرسائل، ولكن قلوبهم تشتاق لوجود شخص حقيقي يجلس بجانبهم، يشاركهم فرحهم وحزنهم، يلامس مشاعرهم دون رموز وإيموجي.

الأطفال والمراهقون يواجهون هذا التحدي بشكل خاص، فهم ينمون في عالم افتراضي سريع الإيقاع، قد يحرمهم من المهارات الاجتماعية الأساسية مثل الحوار، التفاهم، وبناء العلاقات الواقعية.

العزلة ليست مجرد حالة جسدية، بل حالة نفسية وروحية تؤثر على جودة حياتنا، فهي تزيد التوتر، وتعمّق الشعور بالفراغ، وقد تقود إلى الاكتئاب إذا لم نتعامل معها بوعي.

الحل لا يكمن في مقاطعة التكنولوجيا، بل في إعادة ترتيب أولوياتنا، تخصيص أوقات محددة للتواصل الواقعي مع الأهل والأصدقاء، ممارسة أنشطة مشتركة، القراءة، وحتى المشي في الطبيعة مع أحد الأحبة، يمكن أن يخلق شعوراً بالارتباط الإنساني الذي نحتاجه جميعاً.

في النهاية، العزلة في زمن الشبكات ليست قدراً محتماً، بل دعوة لإعادة اكتشاف معنى التواصل الحقيقي، واختيار العلاقات التي تغذي الروح وتُشعرنا بالحياة، بدلاً من الاكتفاء بتفاعلات رقمية سطحية.

المنشورات ذات الصلة

اترك تعليق