الصدى.. نافذة سورية إلى العالم

الواقع العالمي الاقتصادي في 2025 يتحدى “نبوءات متشائمة”

بين ضجيج التوقعات القاتمة وسقف المخاطر المرتفع، دخل الاقتصاد العالمي العام 2025 مثقلاً بسيناريوهات التشاؤم، من حروب تجارية وشيكة، وتشديد نقدي خانق، إلى مخاوف ركود عالمي واهتزاز أسواق المال.

غير أن مرور الشهور كشف تدريجياً عن واقع أكثر تعقيداً وأقل سوداوية، إذ بدت الفجوة آخذة في الاتساع بين ما حذر منه الاقتصاديون وما تحقق فعلياً على الأرض.

وفي لحظة مراجعة نهاية العام، تفرض التطورات الاقتصادية نفسها بوصفها اختباراً صعباً لدقة النماذج التحليلية التقليدية، وتفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول أسباب إخفاق التقديرات السائدة في قراءة مسار 2025 على نحو صحيح.

قبل ختام العام، يعيد تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قراءة واحدة من أكثر السنوات الاقتصادية إثارة للجدل، كاشفاً عن فجوة واضحة بين التوقعات السائدة والنتائج الفعلية؛ فعلى الرغم من الأجواء القاتمة التي هيمنت على الخطاب الاقتصادي في بدايات العام، بفعل السياسات الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومخاوف الفقاعات المالية، والقلق من تباطؤ النمو العالمي، جاءت المحصلة النهائية أفضل بكثير مما توقعه معظم الاقتصاديين.

التشاؤم بلغ ذروته في الربع الأول من العام، لا سيما بعد إعلانات “يوم التحرير” في الثاني أبريل، التي بدت وكأنها تؤسس لمرحلة جديدة من الحروب التجارية.

السبب الأول تمثل في سوء تفسير سياسة ترامب التجارية؛ فرغم السرعة التي فُرضت بها الرسوم الجمركية في الأشهر الأولى، تبيّن لاحقاً أن هذه الإجراءات كانت في كثير من الأحيان أدوات تفاوض أكثر منها سياسات دائمة.

العامل الثاني كان التقليل من شأن مرونة الاقتصادات والشركات؛ فبرغم أن متوسط الرسوم الأميركية ظل أعلى بكثير من مستواه في العام السابق، أظهرت الشركات قدرة لافتة على التكيّف عبر تنويع سلاسل التوريد، وبناء مخزونات مسبقة، والبحث عن أسواق بديلة.

الصين، على وجه الخصوص، فاجأت المراقبين بقدرتها على امتصاص الصدمات، مدعومة بقوتها في سلاسل الإمداد والابتكار، وهو ما انعكس في رفع صندوق النقد الدولي لتوقعات نموها. كما ساهمت سياسات الدعم والإنفاق والإصلاحات في أوروبا وآسيا في تخفيف أثر الحمائية الأميركية.

أما السبب الثالث فتمثل في وجود “ممتصات صدمات” لم تحظَ بالاهتمام الكافي؛ ففي الولايات المتحدة، لعب قطاع الرعاية الصحية دوراً محورياً في دعم الاستهلاك والتوظيف، بينما كان الذكاء الاصطناعي هو الركيزة الأساسية للنمو.

كما أن الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التكنولوجية، ومراكز البيانات، والمعدات، عوضت ضعف الإنفاق الرأسمالي التقليدي، ودعمت أسواق الأسهم والتجارة العالمية، حيث شكّلت مكونات التكنولوجيا المتقدمة جزءاً كبيراً من نمو التجارة العالمية.

كما ساهم ضعف الدولار في دعم اقتصادات الأسواق الناشئة.

المنشورات ذات الصلة

اترك تعليق