الصدى.. نافذة سورية إلى العالم

سوريا.. من رماد السنوات إلى أفق البناء

بعد أعوامٍ طويلة أثقلت روح البلاد، ودفعت السوريين إلى حدودٍ لم يعرفوها من قبل، تقف سوريا اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخها الحديث. لحظة تختلط فيها مشاعر النجاة بمرارة الخسارة، ويجتمع فيها الأمل مع الوعي بأن الطريق الحقيقي يبدأ الآن، لا ينتهي.

لقد مرّ السوريون بتجربة قاسية لم تفرّق بين مدينة وأخرى، ولا بين مكوّن وآخر. كانت سنواتٌ كشفت معدن الناس، وعرّت هشاشة البنى، ودفعت الجميع إلى إعادة النظر في معنى الوطن، ومعنى الانتماء، ومعنى أن يبقى الإنسان واقفاً رغم كل ما انكسر حوله.

المرحلة الجديدة… مسؤولية لا تُحتمل بالتمنّي

التحوّلات الكبرى في تاريخ الشعوب لا تُقاس فقط بما انتهى، بل بما يبدأ بعدها. واليوم، تدخل سوريا مرحلة التمكين والبناء، وهي مرحلة لا تقلّ صعوبة عن سنوات الصراع، بل قد تكون أكثر تعقيداً. فإعادة بناء وطنٍ أنهكته الأزمات ليست مهمة عابرة، بل مشروع طويل يحتاج إلى:

صبرٍ لا يعرف الوهن

وعيٍ يرفض الانجرار إلى الفوضى

مثابرةٍ تتجاوز التعب

وإيمانٍ بأن المستقبل لا يُمنح، بل يُصنع

إن أي تراجع في هذه اللحظة، أو استسلام لليأس، يعني التفريط بأغلى ما قدّمه السوريون خلال أربعة عشر عاماً من المعاناة والتضحيات.

ثمن السنوات… ذاكرة لا تُمحى

لا يمكن لأي مقال أن يختصر حجم الألم الذي حمله السوريون على أكتافهم.لقد خسرنا:

شهداءً كانوا يحلمون بوطنٍ أفضل

معتقلين غابوا خلف الجدران

مهجّرين حملوا بيوتهم في قلوبهم

وأجيالاً كاملة كبرت قبل أوانها

هذه الخسارات ليست أرقاماً في تقرير، بل وجوهٌ وذكريات وبيوتٌ فارغة. ولذلك فإن مسؤولية المرحلة المقبلة ليست سياسية فحسب، بل أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء.

سوريا التي تستحق الحياة

الوطن الذي خرج من العاصفة يحتاج إلى ما هو أكثر من إعادة الإعمار المادي. يحتاج إلى:

مصالحة مع الذات

ترميم الثقة بين الناس

إعادة الاعتبار للإنسان

وفتح صفحة جديدة لا تُقصي أحداً

سوريا التي يحلم بها أبناؤها هي سورية تتسع للجميع، وتنهض بسواعد الجميع، وتُكتب ملامحها بإرادة مشتركة لا مكان فيها للثأر أو الإقصاء أو إعادة إنتاج الانقسام.

رسالة إلى السوريين جميعاً

يا أبناء سوريا…إن الوطن اليوم بحاجة إلى وعيكم أكثر من حاجته إلى أصواتكم، وإلى وحدتكم أكثر من حاجته إلى شعاراتكم.لا تسمحوا لليأس أن يسرق منكم ما لم تستطع الحرب أن تسرقه.ولا تجعلوا اختلافاتكم سبباً في ضياع فرصة تاريخية للنهضة.

سوريا اليوم ليست مجرد جغرافيا تستعيد عافيتها، بل قضية إنسانية وأخلاقية تستحق أن تُكتب من جديد، بقلوبٍ صادقة، وعقولٍ واعية، وسواعدٍ تعرف معنى البناء بعد الألم.

المنشورات ذات الصلة

2 تعليقات

Mohamad Amair 16.12.2025 at 2:17 مساءً

الله محييك اخي أبوعلي

رد
Mohamad Amair 16.12.2025 at 2:18 مساءً

نعم هذه المرحلة تحتاج وعي من كل السوريين

رد

اترك تعليق