
أ. خالد الغزي
في مثل هذا اليوم 8/12/2024 دوّى في سماء سوريا صوت جديد، ليس صوت قصف أو رصاص، بل صوت الحرية. إنه اليوم الذي انتظرته الأجيال، يوم تحررت فيه سوريا من قبضة الاستبداد، وانكسر فيه قيدٌ ظلّ يطوّق عنق الوطن لأكثر من نصف قرن.
لقد كان الطريق إلى هذا اليوم مفروشاً بالأشواك، متشحاً بدماء الشهداء، ومثقلاً بآهات المعتقلين والمغيّبين في سجون الظلم.
خمسون عاماً من القمع والنهب والتجويع، من تكميم الأفواه وسرقة الأحلام، انتهت بإرادة شعب لم يعرف اليأس، وبعزيمة رجال ونساء آمنوا أن الوطن لا يُباع، وأن الكرامة لا تُشترى.
في هذا العيد الأول للتحرير، تحتفل سوريا لا فقط بانتصارها على الطغيان، بل بولادة عهد جديد، عهد تُبنى فيه الدولة على أسس العدالة والمواطنة، لا على الولاء والبطش.
إنه عيد لكل أمّ انتظرت ابنها من المعتقل، لكل طفل حلم بمدرسة لا تُمجّد الحاكم، لكل شاب نزل إلى الشارع يهتف للحرية، ولكل من حمل السلاح دفاعاً عن كرامة الإنسان.
رغم اختلافات الرؤى بين أطياف المعارضة، فإن هذا اليوم يجمعهم على حقيقة واحدة: أن سوريا تستحق الأفضل. أن دماء الشهداء أمانة، وأن بناء الدولة لا يقل أهمية عن تحريرها. فالتحديات لم تنتهِ، بل بدأت مرحلة أصعب، مرحلة التأسيس والمصالحة والعدالة الانتقالية.
عيد التحرير الأول ليس نهاية الحكاية، بل بدايتها. حكاية وطن يعود لأبنائه، حكاية شعب يكتب تاريخه بيده، لا بيد جلاديه. فلنحتفل اليوم، ولننظر إلى الغد بعين الأمل، ونعاهد سوريا أن نبنيها كما حلم بها شهداؤها، حرّة، عادلة، مزدهرة.
في هذا اليوم العظيم، نحتفل بعيد التحرير الأول لسوريا، يومٌ سيبقى محفوراً في ذاكرة الأمة، يومٌ استعاد فيه الشعب السوري حريته، وكتب نهاية عهد طويل من الاستبداد والظلم، حيث طوى السوريون صفحةً سوداء من تاريخهم، امتدت لسنوات من القهر، والاعتقال، والنهب، والتجويع. واليوم، نفتح صفحة جديدة، بيضاء، نكتب فيها حكاية وطنٍ تحرر بإرادة أبنائه.
أيها السوريون،
هذا العيد ليس فقط مناسبة للفرح، بل هو عهدٌ جديد.
عهدٌ نؤسس فيه دولةً لا تُبنى على الخوف والقمع.
فلنُجدّد العهد مع سوريا، أن نحميها من الفوضى، من الانتقام، من التسلّط من جديد، أن نبنيها معاً، بالحوار، بالمصالحة، بالعدالة الانتقالية، وبالإيمان بأن دماء الشهداء أمانة في أعناقنا.
