لا تقتصر التنمية المستدامة على الاقتصاد والبيئة فقط، بل تشمل أيضًا الأبعاد الاجتماعية والثقافية التي تُعتبر جوهر استدامة أي عملية تنموية. فالمجتمع المتماسك، العادل، والمتنوع ثقافيًا، هو الذي يمتلك القدرة على مواجهة التحديات وتحقيق التقدم.
يحتل التعليم موقعًا محوريًا في هذا البعد، إذ يُنظر إليه كأداة أساسية لتمكين الأفراد وتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تؤهلهم للمشاركة الفاعلة في المجتمع. كما يُعتبر التعليم شرطًا لتحقيق بقية أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك القضاء على الفقر، تعزيز الصحة، والمساواة بين الجنسين.
الصحة أيضًا عنصر رئيسي في البعد الاجتماعي، حيث أن المجتمع السليم قادر على الإنتاج والإبداع. لذا، تتبنى استراتيجيات التنمية المستدامة سياسات تهدف إلى توفير رعاية صحية شاملة وعادلة، وضمان وصول الجميع إلى الخدمات الأساسية.
أما العدالة الاجتماعية، فهي الركيزة التي تضمن توزيعًا عادلًا للفرص والموارد، وتمنع تهميش الفئات الضعيفة. ويُعتبر تمكين المرأة والشباب من أهم تجليات هذه العدالة، حيث يشكلون القوة الحيوية لبناء المستقبل.
من جانب آخر، تلعب الثقافة دورًا مهمًا في التنمية المستدامة. فهي ليست مجرد عنصر ترفيهي، بل تمثل رصيدًا معنويًا يثري الهوية الوطنية ويعزز الانتماء. كما أن التنوع الثقافي يفتح آفاقًا للحوار والتفاهم بين الشعوب، ويُعد قوة ناعمة لتعزيز السلم الاجتماعي.
رغم الجهود المبذولة، لا تزال التحديات قائمة، مثل استمرار التفاوت الاجتماعي، انتشار الفقر في بعض المناطق، وضعف تمكين المرأة في بعض المجتمعات. ومع ذلك، فإن إدماج البعد الاجتماعي والثقافي في سياسات التنمية يعزز فرص النجاح ويجعل عملية التنمية أكثر شمولًا واستدامة.
إن التنمية المستدامة لا تكتمل من دون مجتمع متعلم، عادل، متماسك، ومتنوع ثقافيًا، وهو ما يجعل البعد الاجتماعي والثقافي ركيزة أساسية لا غنى عنها.
عرض: هنادي شيخو
