موقع الصدى
يخوض مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، واحدًا من أكثر رهاناته جرأةً وإثارةً للجدل، في محاولة لتحويل شركته الرائدة في التواصل الاجتماعي من مركزها المتأخر في سباق الذكاء الاصطناعي إلى مرتبة قيادية لمنافسة شركات مثل OpenAI وجوجل، وذلك عبر استثمارات ضخمة، واستقطاب غير مسبوق للمواهب، وتغييرات جذرية في بنية الشركة.
وبحسب تقرير موسع نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن زوكربيرج لم يتردد خلال صيف هذا العام في بذل جهود شخصية لاستقطاب كبار باحثي الذكاء الاصطناعي من المنافسين، وصلت إلى حد تسليم وجبات منزلية بنفسه، إلى جانب عروض مالية وُصفت بأنها “فلكية”. وتعكس هذه التحركات حجم الرهان الذي يضعه على ما يسميه “الذكاء الفائق الشخصي“، وهو ذكاء اصطناعي يتجاوز القدرات البشرية ويمكن حمله في الجيب في الوقت نفسه.
ويضخ زوكربيرج مليارات الدولارات لبناء بنية تحتية ضخمة تشمل مراكز بيانات متقدمة برقاقات عالية التكلفة، بالتوازي مع استقطاب مئات الباحثين من شركات مثل OpenAI وجوج وآبل ومايكروسوفت بعقود وحوافز توقيع تصل إلى نحو 100 مليون دولار لبعض الأسماء البارزة.
وفي سعيه إلى تقليل العوائق التنظيمية، كثّف زوكربيرج تقاربه العلني مع الرئيس الحالي دونالد ترامب، مشيدًا به في أكثر من مناسبة، إلى جانب تخفيف سياسات الإشراف على المحتوى، في خطوة فسّرها مراقبون بمحاولة استرضاء التيار الموالي للرئيس.
ويرى زوكربيرج أن نجاح هذا التوجه قد يعيد إليه صورة “الرائد التقني”، بعد إخفاق مشروع الميتافيرس الذي قوبل بفتور المستخدمين وتحفظات المستثمرين.
لم يمر رهان زوكربيرج على الذكاء الاصطناعي دون تكلفة داخلية؛ إذ شهدت ميتا إحدى أكثر المراحل اضطرابًا في تاريخها الممتد لنحو 20 عامًا، مع موجات تسريح موظفين، وإعادة هيكلة متكررة، وتغييرات واسعة في المناصب التنفيذية.
ويرى خبراء أن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي لن يتحقق بالاستثمار وحده، بل ببناء الثقة وضمان السلامة، وهي معركة لا تقل صعوبةً عن سباق النماذج والخوارزميات.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا حول نجاح زوكربيرج في تحويل رهان الذكاء الاصطناعي إلى نقطة انطلاق جديدة لميتا أو مغامرة مكلفة تهدد استقرارها، وقد تحمل الأيام المقبلة ونماذجها القادمة تحديدًا الإجابة.
