الصدى- غياث طليمات- نسيم الأزهري
في لحظات الفرح الوطني، يعلو صوت أخطر على أرواحنا من أي عدو: صوت الرصاص المنطلق في الهواء بلا هدف. في حمص وغيرها، تتحول مظاهر الفرح هذه إلى تهديدٍ حقيقي يخترق بهجة المناسبة.
فهذه العادة المميتة لا تميّز بين ضحاياها، فالرصاصة التي تُطلق في السماء لابدّ أن تسقط في مكانٍ ما، وقد تجد طريقها إلى قلب طفلٍ يلعب أو إلى جسد امرأة تبتهج بالاحتفال أو جسد جدٍّ يحكي عن تضحيات الماضي. لطالما شهدنا كيف تتحول الأفراح إلى مآتم في لحظات، وكيف تُسكت رصاصةٌ طائشةٌ ضحكةً لتُبدلها بنحيب.
والخطر لا يقف عند الأجساد، بل يتعداها إلى النفوس والقلوب. فصوت الرصاص يزرع الخوف في نفوس الأطفال ويُقلق راحة كبار السن وأصحاب الأمراض. وتتحول المناسبة الوطنية التي ينبغي أن تجمعنا في الساحات، إلى سببٍ يجعل الناس يختبئون في منازلهم. فأي فرحٍ هذا الذي يُخيف الناس؟ وأي احتفالٍ بالتحرير يكون بممارسةٍ تتناقض مع قيم المسؤولية والمواطنة؟
حمص التي عانت الكثير، أولى بأن تكون احتفالاتها نموذجاً للفرح الواعي، فلنجعل فرحتنا آمنةً ببدائل تليق بتضحيات شهدائنا: بالأعلام والشموع، بالأناشيد والهتافات، بالفعاليات التي تجمع ولا تُفرق.
فلنرفع صوت فرحتنا عالياً، لا صوت رصاصنا. ولنملأ سماءنا بألوان أعلامنا، لا بشرر العيارات النارية، فالتحرر الحقيقي يبدأ من تحرر عاداتنا من كل ما يهدد حياتنا ويشوّه فرحتنا.
